صالح : يا إلهي .. إنها قصة محزنة حقاً يا محمد .. وددت أن أرى أخي خالداً .
محمد : رحمه الله رحمة واسعة ..
صالح : لقد قرب أذان الفجر يا محمد ، هيا نستعد للصلاة .
وتغرد الطيور .. وتصيح الديكة معلنة بزوغ فجر جديد .. ويعود الجميع من المسجد : أبو خالد وولديه محمد وصالح .
قال صالح : أبي .. هل تحب أخي خالداً رحمه الله ؟
نظر إليه والده متعجباً : ولماذا هذا السؤال يا بني ؟
صالح : لقد قص عليَّ أخي محمد قصته ..
ويلتفت أبو خالد إلى ابنه محمد قائلاً : محمد يا ولدي خذني معك لرؤية ذلك الشاب التقي فقد شوقتني لرؤيته ..
محمد : بكل سرور يا أبي .. وإن شئت ذهبنا اليوم .
وفي اليوم التالي بعد صلاة الفجر جهز محمد سيارته ليذهب ووالده إلى قبيلة الشيخ أبو وضاح ليقابلا الشيخ أبا يوسف .
عندما وصلوا توجهوا مباشرة إلى المسجد ..
كان الشيخ أبو يوسف بين حلقة من الرجال يلقي عليهم درساً في العقيدة .. وهذه كانت عادته .. حيث إنه بعد صلاة الفجر يعقد درساً لذلك ..
وعندما رأى أبو خالد الشيخ أبا يوسف بابتسامته العذبة وأسلوبه الحسن .. شعر أنه دخل إلى أعماق قلبه .. فأحبه حباً شديداً ..
ومنذ ذلك اليوم وهو يحضر تلك الدروس .. يتعلم منها ما ينفعه في دينه ودنياه .. وفي أحد الأيام عندما انتهى الدرس .. وجه الحضور إلى
تغير وجه الشيخ أبي يوسف وخرجت منه زفرة .. فقال : يا إخوتي قصتي غريبة عجيبة وهي :
(7)
كنت مع مجموعة من الشباب الضالين عن طريق الحق .. كنا لا نسمع عن معصية إلا أتيناها .. كنا لا نعرف الصلاة .. ولا نصوم إذا صام الناس .. كنا من أشد الخلق عصياناً لأوامر الله .
وفي إحدى السنوات كنت في رحلة برية مع بعض الشباب .. وكنا نسهر إلى ساعة متأخرة من الليل في طرب وغناء .. وكأننا خلقنا لذلك ..
وذات صباح خرجت مع اثنين من رفاقي للصيد .. فقمنا نبحث عن الطيور .. وننبش جحور نوع من الزواحف يدعى الضب .. فنجد في ذلك متعة وسعادة غامرة .. ونجوب بسيارتنا أنحاء المنطقة ، لم نكن نصلي .. نسينا أنفسنا ولم نتدارك ما حولنا إلا عندما رأينا الشمس تميل إلى الغروب ..
فقال أبو فهد : لنتجه إلى المخيم قبل أن يحل الظلام .. فاتجهنا إلى الشمال وسرنا بضعة كيلومترات ، تبين لنا بعدها أننا أخطأنا الطريق فرجعنا إلى وجهتنا حيث اتضح لنا أننا اتجهنا إلى وجهة خاطئة أيضاً .. فما كان منا إلا الذهاب من هنا وهناك حتى خيم الظلام ويأسنا من معرفة الطريق ..
قلت لصاحبي : من الأفضل أن نتوقف فلن نتهدي إلى المخيم في هذه الظلمة الحالكة .. ومن العبث أن ننهي ما تبقى معنا من الوقود في بحث لا جدوى فيه ولا فائدة ..
فمكثنا تلك الليلة في السيارة حيث وقفت ..
وحدث لنا شيء عجيب في تلك الليلة لا أستطيع وصفه ولا نسيانه مهما طال بي الزمن ..
(
.... كنا نتحدث عن الصيد وعن بعض الأمور الخاصة بالمخيم ..
ذهب صاحبنا أبو سالم ليقضي حاجته .. فلم يذهب بعيداً حيث كان الظلام حالكاً .. ومن الصعوبة أن يرجع إلينا إذا ذهب بعيداً .. فأنوار السيارة مطفأة .. أغلقنا الباب فقد كانت برودة الجو قارصة ..
وفجأة .. سمعنا صراخاً .. اختلط بعواء .. استغاثة .. وبكاء .. .. نداء ورجاء .. يا إلهي .. أبو فهد ماذا حدث ؟ .. لا أدري !