قال ابن القيم رحمه الله:
(فتخلل الفترات للسالكين أمر لازم لا بد منه فمن كانت فترته إلى مقاربة وتسديد ولم تخرجه من فرض ولم تدخله في محرم رجى له أن يعود خيرا مما كان
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه إن لهذه القلوب إقبالا وإدبارا فإذا أقبلت فخذوها بالنوافل وإن أدبرت فألزموها الفرائض
وفي هذه الفترات والغيوم والحجب التي تعرض للسالكين من الحكم مالا يعلم تفصيله إلا الله وبها يتبين الصادق من الكاذب
فالكاذب ينقلب على عقبيه ويعود إلى رسوم طبيعته وهواه 3والصادق ينتظر الفرج ولا ييأس من روح الله ويلقى نفسه بالباب طريحا ذليلا مسكينا مستكينا كالإناء الفارغ الذي لا شيء فيه البتة ينتظر أن يضع فيه مالك الإناء وصانعه ما يصلح له لا بسبب من العبد وإن كان هذا الافتقار من أعظم الأسباب لكن ليس هو منك بل هو الذي من عليك به وجردك منك وأخلاك عنك وهو الذي يحول بين المرء وقلبه
فإذا رأيته قد أقامك في هذا المقام فاعلم أنه يريد أن يرحمك ويملأ إناءك فإن وضعت القلب في غير هذا الموضع فاعلم أنه قلب مضيع فسل ربه ومن هو بين أصابعه أن يرده عليك ويجمع شملك به ولقد أحسن القائل
إذا ما وضعت القلب في غير موضع ... بغير إناء فهو قلب مضيع )
مدارج السالكين(3_126)